همسة تربوية .. هل السعادة إرادة؟

همسة تربوية .. هل السعادة إرادة؟
بقلم : د.عبد الله إبراهيم علي ..

مريضان في غرفة واحدة، أحدهما قريب من النافذة والآخر نائم بعيداً وعاجز عن القيام، والذي بجوار النافذة ينظر ويصف جمال الدنيا خارج الغرفة.

حديقة جميلة الألوان، الأصفر والأبيض والأزرق والسماء فوقها زرقاء وتتغطى بغلالة بيضاء، وفي الليل تظهر النجوم بعيدة تتلألأ فيزداد الوجود جمالاً، وفي الصبح تتخذ الدنيا لوناً وحياةً جديدةً. السيارات تسير وتبرق بروعتها، والأطفال في الحديقة يلعبون فيزداد الوجود جمالاً وفخامة.

والأمهات جميلات ويزددن جمالاً كلما احتضن الأطفال، ومن الزهور والورود والأشجار والطيور والضحك والابتسامات تتكون موسيقى الكون، وكان المريض البعيد عن النافذة يتخيل الدنيا في الخارج، وفي يوم أعلن المريض إلى جوار النافذة أنه يرى فرقاً موسيقية ضخمة، وأنها تعزف موسيقى جميلة ومارشات عسكرية.

إن الناس قد التفوا حول هذه الفرقة الموسيقية يرددون الأغاني ويظهر ذلك على وجوههم بشاشة ونضارة، وكان المريض البعيد عن النافذة لا يسمع هذه الموسيقى، لكنه اعتاد أن يتخيل كل ذلك، وفي يوم وبلا مقدمات توفي المريض الذي بجوار النافذة، وجاءت الممرضات يبكين وقدمن العزاء للمريض البعيد عن النافذة، وطلب المريض منهن أن يتم نقله إلى جوار النافذة التي كان فيها زميله المتوفى، وكانت المفاجأة، فلا يواجه النافذة إلا حائط يسد الرؤية، ثم إن المريض الذي مات كان أعمى.

إن في الدنيا سعادة وفرحة وبهجة وفي استطاعة الإنسان أن ينقلها للآخرين، فهذا الأعمى أراد أن يدخل البهجة على زميله المريض، فراح يروي ويحكي ما لا وجود له، وكلاهما سعيد، هذا بخياله، وهذا بما يستمع إليه، ولم يكن في حاجة إلى أن يقفز من النافذة ليرى، ولا في حاجة إلى أن يعترف بالحقيقة، فالسعادة إرادة.

مشكورة حبوبة على الموضوع الرائع..،

وواصــلــى هذا التألق والأبداع..،

تحياتي

شكرا على الموضوع

merci